كتب يعقوب ماجد في تايمز أوف إسرائيل أنّ وكالة الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) رفضت تنفيذ عملية برية مخططة لاغتيال قادة حركة حماس في الدوحة، خشية أن يقوّض ذلك مفاوضات وقف إطلاق النار الخاصة بالأسرى ويضر بعلاقة الوكالة مع قطر، الوسيط المحوري في المنطقة، وفق ما نقلته صحيفة واشنطن بوست. وبدلاً من ذلك لجأت إسرائيل إلى تنفيذ غارات جوية يعتقد جهازها الأمني الآن بشكل متزايد أنّها لم تصب أيّاً من قيادات حماس البارزين الذين اجتمعوا في موقع القصف.

أوضح تايمز أوف إسرائيل أنّ تلك التقديرات عززت يوم الجمعة بعدما ظهر القيادي في الحركة خليل الحية ليؤدي مراسم دفن ابنه همام الذي قُتل في الهجوم، الأمر الذي بدد الشائعات الأولى عن مقتله. ومع تفاقم تبعات الضربة الفاشلة، برزت تقارير عن معارضة قوية للخطة، سواء لطريقة تنفيذها أو لتوقيتها في ظل استمرار مفاوضات تبادل الأسرى. ونقلت القناة 12 عن مسؤول بارز مطلع على سير المفاوضات قوله إن غالبية المؤسسة الأمنية أوصت بتأجيل الهجوم لأن الاتفاق كان مطروحاً على الطاولة، وأن أي عملية في هذا التوقيت قد تعرّض حياة الأسرى للخطر.

شارك في نقاش الخطة كبار المسؤولين الأمنيين، حيث عارضها رئيس الأركان إيال زمير ورئيس الموساد ديفيد برنيا ومستشار الأمن القومي تساحي هنجبي، بينما أيدها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس الشاباك بالوكالة الملقب بـ"ميم" ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر. المفاوض الخاص بالأسرى نيتسان ألون لم يُدع إلى الاجتماع لتوقع اعتراضه على أي تحرك قد يهدد الصفقة.

أكدت واشنطن بوست أنّ الموساد نفسه كان قد أعد خطة برية للاغتيال، لكنه في النهاية رفض تنفيذها، ما أجبر إسرائيل على اللجوء إلى غارات جوية. ووفق مصادر إسرائيلية، وعارض برنيا اغتيال القيادات في قطر بسبب أهمية الدوحة كوسيط في المحادثات. وبحسب التقرير، أوضحت إسرائيل أنّ سلاح الجو نفذ العملية بالتنسيق مع الشاباك، حتى أنّ المراقبة جرت من مركز قيادة للشاباك، رغم أنّ مهماته عادة تتركز على الأمن الداخلي.

أشارت الصحيفة إلى أنّ الموساد هو من اغتال القيادي إسماعيل هنية في طهران العام الماضي، كما لعب دوراً محورياً في الهجوم المفاجئ على إيران هذا العام، إضافة إلى عملية "أجهزة بيجر الناسفة" ضد عناصر حزب الله. غير أنّ الوكالة رأت هذه المرة أنّ قطر شريك لا يمكن المخاطرة بخسارته. ونُقل عن مسؤول إسرائيلي قوله: "يمكننا الوصول إلى قادة حماس خلال سنة أو أكثر، والموساد يعرف كيف ينفذ ذلك، فلماذا الآن؟".

كشفت وول ستريت جورنال تفاصيل جديدة عن الضربة، موضحة أنّها استندت إلى صواريخ باليستية أُطلقت من البحر الأحمر لتفادي دخول الأجواء السعودية ولتنفيذ العملية بسرعة قبل أن تجد إدارة ترامب وقتاً للاعتراض. شاركت في العملية ثماني مقاتلات إف-15 وأربع طائرات إف-35 أطلقت صواريخها نحو الدوحة من الجهة المقابلة لشبه الجزيرة العربية. وأُبلغت واشنطن بالهجوم قبل دقائق فقط من التنفيذ، حين كان الصواريخ قد انطلقت بالفعل. وصف مسؤول دفاع أمريكي رفيع العملية بأنها "غير معقولة إطلاقاً".

ورغم الضربة، يعتقد معظم قادة الأمن الإسرائيلي أنّ أحداً من الصف القيادي لم يُقتل، ويحققون الآن فيما إذا كان المستهدفون موجودين في المبنى أصلاً أو في قسم آخر منه. ورجحت القناة 12 أن بعض القادة أصيبوا بجروح طفيفة، ربما الحية بينهم، وهو ما يفسر امتناع الحركة عن نشر صور حديثة له. مصادر فلسطينية قريبة من الحركة تحدثت عن إصابات مؤكدة، لكن دون تفاصيل.

ورجحت رواية أخرى أنّ القادة تلقوا إنذاراً في اللحظات الأخيرة فتمكنوا من مغادرة الموقع، غير أنّ الحية لم يتمكن من إخراج ابنه الذي لقي حتفه. مصادر في حماس نفت حصولها على أي تحذير خارجي، معتبرة أنّ بقاء القيادة على قيد الحياة يعود إلى إجراءاتها الأمنية المشتركة مع قطر.

أشارت بعض الجهات الأمنية الإسرائيلية إلى أنّ الضربة رغم فشلها في تحقيق الهدف الرئيسي "أدت غرضها" لأنها زرعت الخوف داخل حماس من قدرة إسرائيل على استهداف قيادتها حتى في الدوحة. دُفن الضحايا يوم الخميس في مراسم بالدوحة، بينهم همام نجل الحية وخمسة آخرون بينهم ضابط في الأمن القطري. وأكدت الحركة أنّ القيادي خليل الحية شارك في جنازة ابنه بترتيبات أمنية خاصة، دون نشر صور توثق وجوده.

أثار القصف داخل قطر عاصفة دبلوماسية ضد إسرائيل، وأبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غضبه من نتنياهو بسبب توقيت الضربة أثناء محادثات كان يفترض أن تفضي إلى صفقة للأسرى. وقال ترامب إنّه "غير سعيد إطلاقاً بالطريقة التي نُفذت بها". من جهتها، دعت الدوحة إلى قمة عربية إسلامية طارئة الأسبوع المقبل لبحث الاعتداء الإسرائيلي على أراضيها.

https://www.timesofisrael.com/mossad-said-to-have-refused-to-carry-out-ground-op-to-kill-hamas-leaders-in-qatar/